الكسوف
هو إخفاء جرم سماوي لجرم آخر خاصة الشمس أو قمر تابع لكوكب. ويوجد نوعان من الكسوف يصيبان الأرض : كسوف القمر وكسوف الشمس، ويحدث الكسوف القمري عندما تكون الأرض بين الشمس والقمر ويعتم ظلها القمر. أما الكسوف الشمسي فيحدث عندما يكون القمر بين الشمس والأرض ويتحرك ظله فوق وجه الأرض، وهناك ظواهر فلكية مشابهة مثل العبور والاحتجاب ولكنها غير مثيرة مثل الكسوف لصغر حجم الأجرام المتداخلة عند مشاهدتها من الأرض.
ويرجع تاريخ أول تسجيل علمي للكسوف إلى القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي عندما سجل البيروني أول تصور للكسوفين القمري والشمسي في كتابه تحقيق ما للهند ردا على مزاعم وخرافات علماء الهند الذين قالوا عن التنين الذي يأكل قرص القمر فذكر: 'إن كسوف القمر أي خسوفه، إن هو إلا دخوله في الظل، وكسوف الشمس إن هو إلا ستر القمر للشمس عنا ، ولهذا لا يكون بدو الكسوف في القمر من جانب المغرب، ولا في الشمس من جانب المشرق، وقد يمتد من الأرض ظل مستطيل كامتداد ظل الشجرة مثلا، فإذا قل عرض القمر وهو في البرج السابع من الشمس ولم يكثر مقداره في شمال أو في جنوب فإن القمر يأتيها من جهة المغرب فيسترها ستر قطعة السحاب، ويختلف مقدار الستر في البقاع، ولأن ساتر القمر عظيم فإن ضوءه يضمحل عند انكساف نصفه، وساتر الشمس ليس بعظيم ولذلك يكون قوي الشعاع مع الكسوف'.
وعلميا يحدث الكسوف القمري نتيجة لإضاءة الشمس للأرض، فتعكس الأرض ظلا طويلا مخروطي الشكل. وعند أية نقطة في هذا المخروط، يعتم ضوء الشمس تماما. ويحيط بهذا الظل المخروطي منطقة بها ظل جزئي يسمى الظل الناقص. ويبلغ متوسط طول الظل (1.379.200) كم تقريبا في مسافة تبلغ (384.600) كم وهي متوسط مسافة القمر من الأرض، كما يبلغ قطر الظل حوالي (9.170) كم.
ويحدث كسوف كلي للقمر عندما يعبر القمر بأكمله منطقة الظل هذه، وإذا تحرك مباشرة إلى مركزها، فإنه يعتم لمدة ساعتين تقريبا. وإذا لم يمر عبر هذا المركز، ستكون مدة الإعتام الكلية أقل وقد تستمر للحظة إذا تحرك القمر خلال حافة منطقة الظل.
كما يحدث كسوف جزئي للقمر عندما يدخل جزء من القمر فقط منطقة الظل ثم يتعرض للإعتام. ويتراوح مدى الكسوف الجزئي من الكسوف الكامل تقريبا حيث تعتم معظم أجزاء القمر والكسوف الضئيل أو البسيط حيث يرى جزء صغير من ظل الأرض على القمر الذي يمر. ومن الناحية التاريخية، فإن مشهد الظل الدائري للأرض وهو يتقدم باتجاه وجه القمر كان أول إشارة تنبئ بشكل الأرض.
وقبل أن يدخل القمر منطقة الظل في حالة الكسوف الكلي أو الجزئي، فإنه يكون في منطقة الظل الناقص ويصبح سطحه أكثر إعتاما بصورة واضحة، ويبدو الجزء الذي دخل منطقة الظل وهو أسود تقريبا، ولكن أثناء الكسوف الكلي لا يكون قرص القمر معتما تماما حيث يكون مضيئا إضاءة خافتة بضوء أحمر يعكسه الغلاف الجوي للأرض الذي ينقي الأشعة الزرقاء المنبعثة من ضوء الشمس. وأحيانا يحدث كسوف قمري عندما تغطي الأرض طبقة سميكة من السحب تمنع انكسار الضوء ، حيث لا يمكن رؤية سطح القمر أثناء الكسوف الكلي.
أما كسوف الشمس فيتراوح طول منطقة الظل الخاص بالقمر بين (367.000) و(379.800) كم. بينما تتراوح المسافة بين الأرض والقمر من (357.300) حتى (407.100) كم. ويحدث الكسوف الشمسي الكامل عندما تصل منطقة الظل الخاصة بالقمر إلى الأرض. ولا يتعدى قطر منطقة الظل أكثر من (268.7) كم بحال من الأحوال حيث تلامس سطح الأرض بحيث لا تكون المنطقة التي يشاهد فيها الكسوف الشمسي الكلي أوسع من هذا بل وقد تكون أضيق بصورة ملحوظة. ويبلغ عرض منطقة الظل الناقص أو منطقة الكسوف الجزئي على سطح الأرض حوالي (4.800) كم وفي أوقات معينة، عندما يمر القمر بين الأرض والشمس فإن ظله لا يصل للأرض، وفي مثل هذه الأوقات، يحدث كسوف حلقي حيث تظهر حلقة مضيئة من قرص الشمس حول قرص القمر الأسود.
ويتحرك ظل القمر فوق سطح الأرض في اتجاه الشرق. وحيث أن الأرض تدور باتجاه الشرق أيضا، تكون سرعة ظل القمر فوق الأرض مساوية لسرعة القمر وهو يسير في مداره مع طرح سرعة دوران الأرض، وتبلغ سرعة الظل عند خط الاستواء حوالي (1.706) كم / ساعة، أما بالقرب من القطبين حيث تكون سرعة الدوران صفرا، تبلغ سرعة الظل حوالي (3.380) كم / ساعة. ويمكن حساب مسار الكسوف الشمسي الكلي والزمن الذي يستغرقه من حجم ظل القمر ومن سرعته. وتبلغ أقصى مدة يستغرقها الكسوف الشمسي الكامل حوالي (7.59) د قيقة ولكن مثل هذا الكسوف نادر حيث يحدث مرة كل عدة آلاف من السنوات. وعادة يظهر الكسوف الكلي لحوالي 3 دقائق من نقطة في مركز مسار الكسوف الكلي.
وفي المناطق التي تقع خارج الحزام والتي تعتبر منطقة ظل القمر امتدادا لها ولكنها تقع داخل الظل الناقص، تكون الشمس معتمة جزئيا ويحدث كسوف جزئي.
وفي بداية الكسوف الكلي، يبدأ القمر في التحرك عبر قرص الشمس قبل ساعة تقريبا من الوصول إلى مرحلة الكسوف الكلي، ويقل الضوء المنبعث من الشمس بالتدريج وأثناء مرحلة الكسوف الكلي (أو بالقرب منها)، فإنها تقل حتى تصل إلى ضوء يشبه ضوء القمر اللامع. وينتج هذا الضوء المتبقي من جراء هالة الشمس وهي الجزء الخارجي من الغلاف الجوي للشمس. وعندما يتقلص سطح الشمس حتى يصبح هلالا رفيعا، يمكن مشاهدة هذه الهالة. وقبل أن يصبح الكسوف كليا، تومض نقاط ضوء لامعة تسمى فقاعات بيلي على شكل هلالي. وتنتج هذه النقاط من جراء سطوع الشمس على وديان وأماكن غير مستوية على سطح القمر. ويمكن مشاهدة فقاعات بيلي عند انتهاء مرحلة الكسوف الكلي. وقبل مرحلة الكسوف الكلي مباشرة أو بعدها أو أثنائها، يمكن مشاهدة نطاقات ضيقة من الظلال المتحركة على أشياء موجودة على سطح الأرض.
رصد الكسوف
يعد الرصد العلمي للكسوف الشمسي أمرا ذا قيمة كبيرة وخصوصا عندما يمر مسار الكسوف على مناطق أرضية شاسعة، ويمكن لشبكة من المراصد الخاصة أن توفر بيانات كافية لإجراء تحليلات قد يقوم بها العلماء في شهور. وقد تحتوي هذه البيانات على معلومات عن كيفية تأثير التغييرات الدقيقة في الشمس على طقس الأرض وكيف يمكن للعلماء تطوير توقعاتهم للانفجارات الشمسية، وهناك الكثير من المسائل الفلكية التي يمكن دراستها أثناء الكسوف الكلي للشمس، من بينها حجم وتكوين الهالة الشمسية وانحناء الأشعة الضوئية التي تمر بالقرب من الشمس بسبب مجال جاذبية الشمس.
تعليقات
إرسال تعليق
ما رأيك بالموضوع الذي قرأته للتو