اليوم في البيس "الحافلة" رقْم ثلاثة المؤدية إلى إحشاش أكادير . وأنا أسأل عن المكان الذي سأنزل فيه , ربما لا يعرف أحد المكان , ربما . ولكنني لم أستسلم للأمر وبدأت السؤال مجددا , وبدأت بالذي كان بجانبي , وكان رجلا كبيرا في السن بعض الشئ , وهذا باد
على محياه , فالشيب يغزوا ملامحه , تفكر في الأمر مدة دقيقة و نفي المعرفة وأخبرني أنه غير متأكد و سأل الذي بجانبنا , ولحدود الأن لم أضبط المكان بالضبط وأخبرته أنه لابأس في الأمر وأنني سأتصل بصاحبي لكي يصف لي المكان بدقة وهذا ما كان , ولأن المغاربة حقا لطيفون معك إذا ما كنت لطيفا مستأذنا , تعرف كيف ترد و تفكر بطريقة جيدة و مفهومة و تتحدث بلباقة عالية
, فبالتأكيد لن تواجه أي مشكلة معهم . ولأن محفظتي السوداء تفضحني دائما . فهي ممتلئة ولا تدل على أي شئ أخر إلا أن هذا الإنسان الذي أمامهم ما هو إلا تلميذ أو طالب , ولأنه لا يمكن السؤال عن الأمر بطريقة مباشرة فلنا نحن المغاربة وخاصة السوسيون ـ ولا أدري إن كان هذا الأمر يميز شعوبا أخرى أم لاـ طريقة خاصة . وهي أننا نسأل عن الأصل . بعيارة "منين نتا ؟ " أجبت فورا "ولد تزنيت" , هل زرتها في الآونة الإخيرة . "لا بالطبع لم أزرها منذ سنتين " ولكنني زرتها أربع مرات بعد القدوم إلى هنا . "ماذا تفعل هنا " أنا أدرس .إنها السياسة يا سادة . المحفظة تفضحك ولا داعي للكذب . نعم أدرس هنا في الكلية القريبة هنا إبن زهر . ماذا تدرس بالضبط . والله إنني إدرس شيئا إسمه السوسيو , و إستدركت ماذا يعرف العامة عم السوسيو و نحن فقط من نسميها كذلك وتكتبها الإدارة على شكل S.O.S والذي تعني الإنقاد أو النجدة على ما أظن , إستدركت الأمر وقلت له "علم الإجتماع " أها "سوسيولوجية" هكذا نطقها . إذا كنت تعرفها و تركتني لأتعذب وأتذكر إسمها بالعربية .نعم هي تلك السوسيو . مدام أنه عرفها , فلابد أن له نظرة حولها , لذلك سألني على الفور . إذا أنت تعرف إبن خلدون . هنا إبتسمت , فالكثيرون يعتبرونه مؤرخا , إلا أنه صنفه في ميدان علم الإجتماع. أجبته بالإيجاب . نعم أعرفه . إذاً قرأت مقدمته . بالتأكيد قرأت منها ثلاثين صفحة الأولى ولم أكملها , إذا إبن خلدون كان رحالة مثل بطوطة وهنا سكبتها يا شيخ , فبالرغم أنه ترحل عبر مجموعة من المدن في شمال إفريقيا والأندلس إلا أنه ليس رحالة , بل سياسيا موهوبا وكاتبا فذاً . هذا ما نطقت به . بعد ذلك تحدثنا عن تاريخ المنطقة و بعض المعلومات السطحية الغير معمقة حتى وصلت وقبل النزول , سألني هل تقرأون كل هذا في شعبتكم , صمت قليلا وقلت لا بالتأكيد لا , نحن نكتسب فقط طريقة تفكير جديدة هذا كل شئ , وخرجت من الباب وأنا أفكر . في أنه رغم هذا الإكتساب فإنها لن تنفعنا في شئ . فالناس في هذه البقعة لا يحبون التفكير .
ولكن أفضل شئ في هذا كله هو اللطف و الإهتمام الذي يمكن أن تستشعره من هذه الفئة من الناس الذين لا ناقة لهم ولا جمل في الإقتصاد أو السياسة أو حتى التعليم , يحبون تعلم شئ جديد كل مرة , سماعا و شفاهة و ليس كما نفعل , من كتاب إلى قلم ثم إلى كتاب أخر بدون أي شعور بالكاتب , أو القائل .
رقم الحافلة الرابطة بين أحشاش و حي الداخلة بأكادير
ردحذف