الرشوة هي مال يُعطى لشخص ذي سُلطة أو مركز مسؤول، لكي يوافق على أمرٍ غير قانوني أو غير شرعي
الرشوة أحد أهم أشكال الفساد وقد لا تكون بالمال بل بتقديم خدمة مقابل خدمة ليست من حق الطرف الأول، وقد تكون بين أفراد أو جماعات مُتمثلة بمُؤسسات، كأن تدفع مُؤسسة مالاً لمُؤسسة أُخرى للحصول على حق ليس لها بالأصل، أو للحصول على معلومات تضُر الطرف الآخر. وقد يعطي الشخص الرشوة لغيره بسبب الجهل بالعقوبة التي قد يتعرَّض لها، وقد يكون على العكس أي أنه يرشي المسؤول أو المُوظف لأنه وجد فيه حُباً للاستغلال وأراد هو الآخر استغلاله لتمرير مصلحة ما.
الرشوة هي ممارسة غير مقبولة ناتجة عن تعسف في استعمال السلطة، واستغلال الموظف لسلطته التقديرية وخيانته للأمانة سعيا وراء تحقيق دخل اضافي بطريقة غير مشروعة.
يقدم المواطن الرشوة إما جهلا بالقانون أو استغلالا لجشع الموظف بغية الحصول على الرخص والصفقات والتملص من الضرائب.
أن القانون الجنائي في جميع دول العالم يعاقب المرتشين، ويتعامل معهم كأفراد يمثلون خطورة على استقرار واستمرارية المجتمعات، وللحد من هذه الآفة وفضح مرتكبيها ظهرت جمعيات مدنية متخصصة في محاربة الرشوة منها جمعية المغرب لمحاربة الرشوة .
وقد أدرجت ترانسبارانسي المغرب عملها المتعلق بمحاربة الرشوة في إطار الحركة الديمقراطية التي تعمل من أجل الحكامة الجيدة وتنمية المواطنة والنهوض بدولة القانون وإقامة نظام وطني للنزاهة، كما أنها تضع على عاتقها أيضا أن تكون وسيطا للمبادرات والأعمال المشتركة التي تتطور في هذا المجال، وخصوصا تلك التي تأتي من الأوساط السياسية ومن القطاع الخاص ومن الحكومة
حُكم الرشوة في الدين خاصة الإسلام
وفي الإسلام فإن الحديث الشريف أوضح عقوبة كُلاً من الراشي والرائش والمُرتشي، فقد لعنهم رسول الله في الحديث الشريف وهذه اللعنة توجب حُرمة الرشوة وتُعتبر الرشوة أيضاً من الكبائر، وعقوبتهم ستكون في الدُنيا والآخرة
ولقد حكم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم باللعن على هؤلاء الثلاثة، وذلك في قوله: “لعن الله الراشي والمرتشي والرائش” واللعن هو الطرد من رحمة الله تعالى، والتعرض لنقمته وغضبه وعذابه، ما يدل على أن ديننا الإسلامي الحنيف لا يسمح بالرشوة، وينفر من الاشتراك فيها، لأن الرشوة تشوه سمعة صاحبها في الدنيا، وتعرضه لغضب الله وعذابه يوم القيامة، بما يعني أن الرشوة في نظر الإسلام جريمة لا يليق بالمؤمن أن يرتكبها أو يشترك فيها، أو يرضى بها، أو يسكت عنها، فهي لذلك محرمة يعاقب صاحبها في الدنيا وفي الآخرة، وقد استدل الفقهاء على تحريمها بقول الله تعالى: “ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم، وأنتم تعلمون” البقرة
والرشوة قد تعطى بطريقة مباشرة في صورة مال، وقد تعطى بطريقة غير مباشرة في صورة هدية، وفي الحالتين هي محرمة لأنها غلول، أي سرقة أو اختلاس يستحق عليه صاحبه العقاب، فالموظف العام الذي أوكلت إليه الدولة تصريف مصالح الناس، مقابل أجر يتقاضاه، لا يجوز له أن يقبل الرشوة أو يتعاطى معها، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “من استعملناه على عمل، فرزقناه، (أي أعطيناه أجراً أو مرتباً) فما أخذه بعد ذلك فهو غلوا”.
فالرسول الكريم بهذا الحديث يحرم على الولاة والحكام وموظفي الدولة أن يأخذوا هدايا من الأفراد وأصحاب المصالح طالما هم في مناصبهم، وقد حدث أن رجلاً ولاه النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولاية، ثم جاءه الرجل بعد حين ومعه مال، قدمه إلى النبي وهو يقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، فغضب النبي من ذلك، وقام وخطب في الناس قائلاً: “أما بعد، فإني أستعمل الرجل منكم على العمل بما ولاني الله، فيأتي فيقول: هذا لكم، وهذا هدية أهديت إلي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمل بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تعير”.
فالرسول صلى الله عليه وسلم يلمح في ذلك إلى منع هؤلاء الولاة أو الموظفين من قبول الهدايا لأنفسهم بالاستفادة من قوة نفوذهم، أو مناصبهم، فإن قبولهم لها يؤدي إلى محاباة أصحابها على حساب غيرهم، فهي رشوة محرمة.
وربما تلجئ الحاجة بعض الناس إلى تقديم رشوة لبعض الموظفين لينال بها حقه الضائع، لاعتقاده أن الرشوة وسيلته الوحيدة ليحصل بها على حقه، وبدونها ضاع حقه، فهذا لا يدخل في نطاق الرشوة الملعون صاحبها، لأنه مضطر إلى لتقديم الرشوة لنيل حقه، أو لدفع الضر عنه، وقد قال ابن الأثير في ذلك: “لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم” ذكر ذلك في كتابه النهاية، واستدل على ذلك بما فعله عبدالله بن مسعود وهو أحد الصحابة حين كان في أرض الحبشة، قبضوا عليه، فقالوا له وهو مسجون لديهم: إن دفعت لنا دينارين، أطلقنا سراحك، وخلينا سبيلك، فدفعها.
ومهما يكن الأمر، فإن هذا لا ينفي أن الرشوة جريمة، وأنها عمل قبيح لا يليق بالمسلم القيام به، لأنها تؤدي إلى ظلم وهضم الحقوق واضطراب الموازين، وفساد الأحوال.
الرشوة في القانون
ينقسم الرأي القانوني إلى قسمين:
- أنّ كُل من الراشي والمُرتشي يجب أن يأخذا العقوبة نفسها باعتبارهما تشاركا الجريمة نفسها.
- أنّ لكُل منهما عقوبة مُنفصلة فلا يتم الحُكم على المُرتشي بالحُكم نفسه الذي يقع على الراشي فقد يكون الراشي غير مُدرك بخطورة نتائج الرشوة.
القانون في جميع الدُول يعاقب هؤلاء الأشخاص بالسجن، وتسعى جميع الدُول لمحاربة الرشوة لما لها من أضرار تعود على الفرد والمُجتمع، ففيها انتقاص لحقوق المواطنين وقد يشعُر بعضهم بالظُلم، فمن يملك مالاً يستطيع أن يُحقق هدفه عن طريق دفعه للمسؤول الذي سيلبّي طلبه، بينما من لا يمتلك المال ينتظر طويلاً وقد لا يستطيع تحقيق الهدف نفسه، ويتضح من هذا أنّ الرشوة تُقلل من العدالة، وتُميت الضمائر، كما أنّها تُقلل من الأمن بين المواطنين لأنها من مظاهر الفساد التي تهدم قِيم المجتمع بأكمله. وقد كانت الرشوة تقتصر على القُضاة والحُكام في السابق بينما في أيامنا هذه فإنّ هُناك العديد من الموظفين البسيطين والمسؤولين الكبار يقبلون تلقي الرشوة مُقابل مساعدة شخصٍ ما. وهُناك حالات يُجبَر فيها الراشي على دفع الرشوة وفي حال الإكراه تسقط العقوبة عنه، وهذا في كلا الجانبين الشرعي والقانوني، لأنه مُكره وخاصة إن كان هُناك تهديد على حياته واضطراره لدفع الرشوة. والرشوة حتى لو كان فيها تحقيق لأمرٍ فيه منفعة وليس ضرراً فإن هذا لا يُسقط عقوبتها، لأنّ إحقاق الحق لا يحتاج لتلقي مال إضافي بل هو واجب إنساني ينبُع من نفس كُل إنسان شريف ويخاف الله، ومثال ذلك رشوة القاضي ليحكُم على شخصٍ ما بالبراءة فقد يكون المُتهم بريئاً فعلاً ومن واجب القاضي التحلي بالعدالة دون الحاجة لأن يتلقى رشوة مقابل هذا الأمر.
لم يعرف المشرع المغربي جريمة الرشوة وإنما اكتفى بالتنصيص عليها ضمن المواد 248..256 من القانون الجنائي والمواد 35..40 من ظهير 6101972• وإذا كان من عادة المشرعين أنهم لا يهتمون بالتعريفات فان الفقهاء والقانونين وكذا القضاء ينصرفون الى تعريف الجرائم، وهكذا فان الفقه عرف جريمة الرشوة بأنها هي عرض من جانب وقبول من جانب آخر لأي فائدة أو منفعة كانت مقابل القيام او الامتناع عن العمل من أعمال وظيفته . وجريمة الرشوة بهذا التعريف تقتضي وجود طرفين هما: موظف يطلب او يقبل او يتسلم رشوة مقابل قيامه او امتناعه عن عمل من أعمال وظيفته أو الإخلال بواجباتها، وصاحب مصلحة يقدم او يعرض رشوة او يعد بها موظفا. ويمكن تعريفها بأنها اتجار الموظف العمومي بإعمال وظيفته او استغلالها على نحو معين لفائدته الخاصة ن بمعنى أن الموظف يتخذ من القيام بأعمال وظيفته أو الامتناع عن أدائها سببا للحصول على فائدة من أي نوع كانت . في حين عرفها آخرون بأنها فعل يرتكبه موظف عام او شخص ذو صفة عامة يتجر او بالأحرى يستغل السلطات المخولة له بمقتضى هذه الوظيفة وذلك حين يطلب لنفسه او لغيره او يقبل او ياخذ وعدا او عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته او يزعم انه من أعمال وظيفته او للامتناع عن ذلك العمل او للإخلال بواجبات الوظيفة. ويرى فريق آخر بان جريمة الرشوة تقوم على اتفاق او تفاهم بين الموظف وصاحب الحاجة يعرض فيها هذا الأخير على الموظف عطية او فائدة فيقبلها لأداء عمل او امتناع عن عمل يدخل في نطاق وظيفته او فيما يتصل بها من سلطة او بعبارة أخرى هي في الأصل تتكون من العرض من جانب القبول من الجانب الآخر لأية فائدة. وقد وجدت الرشوة في صدر الشريعة الإسلامية في غير جهة القضاء من ذلك أن ابي حميد عبد الرحمان بن سعد الساعدي رضي الله عنه، قال: استعمل النبي (ص) رجلا من الازد يقال له ابن اللتيبة على جمع الصدقات، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا إلي فقام الرسول (ص) على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
" أما بعد فاني استعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول هذا لكم، وهذا هدية أهديت إلي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينتظر أيهدى إليه أم لا؟" ونخلص الى أن الموظف يعتبر مرتكبا للفعل المادي لجريمة الرشوة بمجرد طلبه او قبوله لعرض او وعد او هدية او أية فائدة سواء أكان لطلبه اثر أم لا أنجز العمل او الامتناع المطلوب منه أداؤه أم لم ينجز، تسلم المقابل فعلا أم لم يتسلمه. ولعل صور جريمة الرشوة هي : الفعل المادي ويمكن تقسيم الفعل المادي الى ثلاث أقسام: 1 طلب عرض او وعد 2 طلب هبة او هدية او أية فائدة 3 قبول العرض او الوعد او تسلم هبة او هدية او أية فائدة أخرى وتعتبر جريمة الرشوة قائمة متى قام الموظف بأحد هذه الصور. وبالرجوع الى المادتين 248 والمادة 35 من ظهير 6101972 وبالرجوع الى هاتين المادتين يتبين أن أركان الرشوة ثلاثة هي :
1) أن يكون الجاني متصفا بصفة موظف عمومي بمفهوم المادة 224 من القانون الجنائي ومختصا بالعمل او الامتناع المطلوب منه أداؤه
2) ركن مادي قوامه فعل الطلب او القبول او تسلم هبة او هدية او أية فائدة أخرى مقابل العمل او الامتناع
3) ركن معنوي يتخذ دائما صورة القصد الجنائي. وطبعا عقوبة جريمة الرشوة واضحة في القانون الجنائي المغربي فهي حسب منطوق المادة 248 تتراوح بين الحبس من سنتين الى خمس سنوات وغرامة من 250 الى 5000 درهم وذلك بحس الحالات الواردة في الفصل المذكور ثم جاء الفصل 249 وجعل العقوبة هي الحبس من سنة الى ثلاث سنوات وغرامة من 250 الى 5000 درهم حسب الحالات التي أوردها الفصل المذكور ثم الفصل 250 الذي اقر نفس العقوبة الواردة في الفصل 249 ثم زاد الفصل 250 في فقرته الأخيرة انه إذا كان الجاني قاضيا او موظفا عاما او متوليا مركزا نيابيا فان العقوبة ترفع الى الضعف. أما إذا كانت رشوة احد رجال القضاء او الأعضاء المحلفين أو قضاة المحكمة قد أدت إلى صدور حكم بعقوبة جناية ضد متهم فان هذه العقوبة تطبق على مرتكب جريمة الرشوة. وكل قاض او حاكم إداري تحيز لصالح احد الأطراف ممالأة له أو تحيزا ضده عداوة له يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 250 الى 1000 درهم
أسباب انتشار الرشوة
- انعدام الضمائر
- عدم الايمان
- الظروف الاقتصادية والفقر
- فساد الانظمة الأسباب السياسية
لا شك أن الرشوة هي داء منتشر في أغلب الأنظمة السياسية ، فهي لا تقتصر على الدول النامية والمتخلفة ، بل نراها سارية في المجتمعات المتقدمة وإن كان بنسب أقل .
فالرشوة تكون بنسبة أعلى في الأنظمة السياسية التي لا يوجد عندها مساحة كبيرة من الديمقراطية والشفافية والمساءلة . ولا تتاح فيها حرية التعبير والرأي والرقابة ، بحيث لا تخضع تصرفات السلطة السياسية للتنقيب والمساءلة والنقد ، في ظل عدم وجود أجهزة إعلام حرة قادرة على كشف الحقائق وإظهار مواطن الفساد .
كما يساعد على انتشار الرشوة ضعف السلطة القضائية بحيث تبدو فاقدة لاستقلالها عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ، الأمر الذي يؤدي إلى أن القانون لايطبق على الجميع وأن هناك أشخاص فوق القانون تبعاً لمنصبهم السياسي والإداري .
الأسباب الإدارية :
تلعب الإدارة دوراً كبيرا في مكافحة الرشوة ، لا بل تعد مسؤولة مسؤولية تامة عن مكافحتها ، ولعل أهم الأسباب الإدارية التي تؤدي إلى تفشي الرشوة ، مـا يلي :
- تخلف الإجراءات الإدارية والروتين والبيروقراطية .
- غموض الأنظمة وتناقض التشريعات وكثرة التفسيرات .
- ضعف دور الرقابة وعدم فعاليتها وافتقارها إلى الكوادر المؤهلة والمدربة
- عدم اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، والوصول إلى المناصب عن طريق أساليب غير مشروعة
فالذي يدفع الرشوة من أجل الوصول إلى موقع معين ، عندما يصل إلى هذا الموقع سوف يبدأ بالتفكير في استرجاع ما دفعه . وبعد ذلك تدفعه متعة المال والجشع إلى طلب المزيد ، الأمر الذي يصبح جزء من حياته في العمل والتفكير .
وهذه الفلسفة هي التي تعزز وتعشعش الرشوة وتؤدي إلى الفساد في المجتمع .
فقد أظهرت دراسة قام بها باحثون وخبراء نشرتها مؤخراً مصادر رسمية أظهرت بأن (80%) من أسباب انتشار الرشوة هي تمتع البعض بمناصب ومراكز تجعلهم بعيدين عن المحاسبة .
الأسباب الاقتصادية لإنتشار الرشوة
لعل العامل الاقتصادي من أهم العوامل التي تؤدي إلى انتشار الرشوة ، وهذا الأمر يعود إلى :
انخفاض مستوى المعيشة وتدني الأجور مقابل الارتفاع المستمر في الأسعار
فالموظف الذي يرتشي يكون عادة ضحية للحاجة الماسة للنقود ، فهو مدفوع في أغلب الأحيان إلى ارتكاب الجريمة رغبة منه في قضاء حاجته التي لا يقدر على أدائها بسبب تكاليف المعيشة وغلاء الأسعار ، نظراً لضعف القوة الشرائية لمرتب الموظف الذي لم يعد يكفي لسد هذه الحاجات .
سوء توزيع الدخل القومي :
الأمر الذي يجعل الأموال تتمركز لدى حفنة من الأشخاص، وهذا الأمر يؤدي إلى زيادة حد الانقسام الطبقي ، حيث تصبح الطبقة الغنية أكثر غنى والطبقة الفقيرة أكثر فقراً .
لذلك سوف يتولد لدى الموظف شعور الحقد والحسد والبغض ، ويعبر عن هذا الشعور من خلال أخذ الرشاوي من أصحاب رؤوس الأموال .
الأسباب الاجتماعية لإنتشار الرشوة
الرشوة تعتبر سلوك اجتماعي غير سوي قد يلجأ إليه الفرد أو الجماعة كوسيلة لتحقيق غايات لا يستطيع الوصول إليها بالوسائل المشروعة أو بالطرق التنافسية المتعارف عليها .
فمن أهم الأسباب الاجتماعية التي تؤدي إلى انتشار الرشوة :
ضعف الوعي الاجتماعي
فكثيراً ما نجد أن الانتماءات العشائرية والقبلية والولاءات الطبقية وعلاقات القربى والدم سبب رئيسي في هذه الانحرافات الإدارية ، بحيث يتم تغليب المصالح الخاصة على المصلحة العامة .
تدني المستوى التعليمي والثقافي للأفراد
حيث أن شريحة كبيرة من أفراد المجتمع تفتقر إلى الثقافة العامة ، ناهيك عن الثقافة القانونية ، فجهل المواطن بالإجراءات الإدارية ، وجهله بالقانون يجعل منه فريسة سهلة المنال بالنسبة للموظف الذي يحاول دوماً تعقيد الإجراءات للحصول على الرشوة .
فالمواطن البسيط يجد نفسه مضطراً لدفع الرشوة في سبيل الانتهاء من معاملته بالسرعة المطلوبة
ضعف إحساس الجمهور بمدى منافاة الرشوة لنظم المجتمع
فبعد أن كان المرتشي يعد في نظر المجتمع مرتكباً للخطيئة أصبح الأفراد يشعرون بأن دفع مقابل لإنجاز بعض أعمالهم لا يعتبر رشوة ، بل يجتهدون لإسباغها بنوع من المشروعية ، فالبعض يسميها إكرامية أو حلوان أو ثمن فنجان قهوة أو أتعاب … الخ
ضعف الوازع الديني والأخلاقي
حيث يعتبر الوازع الديني هو الرادع الأقوى والأجدى من جميع العقوبات الوضعية ، فهو يمثل رقابة ذاتية على سلوك الفرد ويوجهه نحو الخلق الحسن والسلوك القويم .
نتائج الرشوة على المجتمع
الرشوة تدمر الموارد المالية للمجتمع
قد يقدم شخص ما رشوة ليحصل على ترخيص من الدولة لعمل مشروع ما، وهذا المشروع لا يكون فيه نفع حقيقي للمجتمع وإنما يُدِرّ الربح الوفير لصاحبه، فيستفيد من موارد الدولة المالية التي توفر له المرافق والخدمات الأساسية كرصف الطرق والكهرباء والمياه والهاتف وغيرها.
الرشوة تدمر حياة أفراد المجتمع
إن من آثار الرشوة الخطيرة تدمير صحة الكثير من أفراد المجتمع وحياتهم كما لو حدثت الرشوة في إنتاج الدواء أو الغذاء أو المباني المخالفة التي يترتب عليها انهيار المباني وإزهاق أرواح الناس، وهذا واقع ومشاهد أمام أعين الجميع.
الرشوة تدمر أخلاق الأفراد:
إن تفشي ظاهرة الرشوة في أي مجتمع من المجتمعات مُؤْذِنٌ بتدمير أخلاقيات هذا المجتمع وقيمه وتُفقِد الثقة بين أفراده، وتؤدي الرشوة إلى عدم المبالاة والتسيب وعدم الولاء والانتماء والإحباط في العمل وكل هذا يعتبر عقبة أمام عملية التنمية وما تتطلبه من جهد بشري أمين، فيه تعاون من الجميع. وإذا كانت الرشوة لها راش ومرتش ورائش، فإن معنى هذا أن ثلاثة من المجتمع قد نُزعت الثقة منهم واعتبرهم المجتمع من المفسدين فيه.
العلوم الإنسانية والرشوة
الرشوة من أكثر صور الفساد تفشيا فى المجتمعات الإنسانية المعاصرة سواء فى دول العالم الأول أو العالم الثالث!
فلا يكاد يمر يوم إلا ونقرأ أو نسمع عن جريمة رشوة متهم فيها موظف كبير أو مسئول بارز فى أحد قطاعات العمل الحكومى أو الخاص، كل هذا يشير إلى مدى الخطر الداهم الذى يهدد مجتمعنا.
وضعنا الظاهرة أمام علماء الاجتماع والقانون والقضاء والدين ليحددوا لنا أسبابها والدافع إليها وسبل التصدى والحد منها...
فى البداية تؤكد الدكتورة حنان محمد سالم مدرس علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس، أن الفساد ظاهرة عالمية، فلا يوجد أى مجتمع من المجتمعات سواء فى دول العالم الأول أو دول العالم الثالث مستثنى من هذه الظاهرة، وانتشار الرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ والوساطة وكلها تعتبر من صور الفساد.
وتعرف د. حنان سالم الفساد على أنه إساءة استغلال السلطة المرتبطة بمنصب معين سواء كان شغل هذا المنصب عن طريق التعيين أو عن طريق الإنتخاب، ويتم استغلاله بهدف تحقيق مصالح شخصية على حساب المصالح العامة.
ولدينا عدة أنواع وأشكال من الفساد ويوجد بصفة أساسية الفساد الكبير والفساد الصغير، والفساد الكبير مرتبط بالمناصب الكبيرة والصغيرة مرتبط بالمناصب الصغيرة، ومن الصعب أن نتخيل أن تختفى الظاهرة كلية وأن يوجد مجتمع نقى 100%.
الرشوة ظاهرة إجتماعية
وتشير د. حنان إلى أن الدول المتقدمة استطاعت تحجيم وتقليص للفساد، لأنها نظرت إليه على أنه ظاهرة اجتماعية وأن الآثار المترتبة عليه هى آثار مدمرة ستعرقل عملية التنمية سواء للفرد أو المجتمع، وهذه الدول عندها مساحة كبيرة من الديمقراطية والشفافية والمسائلة، وهذه هى أهم شروط مقاومة الفساد فى العالم الأول ولا فرق عندهم بين مسئول كبير ومسئول صغير، ولا يوجد مسئول أكبر من القانون ولا يعترفون بشئ اسمه "ليس فى الإمكان أفضل مما كان"ولا أن الحكومات لا تخطئ!!
ودول العالم الثالث تنظر إلى الفساد على أنه حالات فردية وأن ليس المجتمع كله فاسد، وتتم عملية تعتيم ومهادنة مع الظاهرة السلبية ولا تحدث عملية التحجيم وتنتعش وتكبر وتكون مثل المرض السرطانى الذى ينتشر فى الجسم ويصل لدرجة لا تستطيع اللحاق به ويتحول إلى حالة ميئوس منها ونتقبل الوضع على ما هو عليه.
والذى يحدث على مستوى المجتمع الإنسانى أن الفساد عندما ينتشر بهذه الصورة الكبيرة ويكون جزء من نسيج الحياة الإجتماعية يحدث لدينا شئ اسمه "ثقافة الفساد" وهى أننا نعلم أن هناك فساد ونتكيف معه، فنجد مواطن صالح وضد الرشوة وغيرها يخرج حالا سواء برضائه أو بغير رضائه ويعطيه لموظف حتى تنتهى المصلحة. والمشكلة أيضا ليست فى اكتشاف الفساد ولكن فى إدانته بمعنى أننا نسمع كثيرا عن أسماء بكيرة ولامعة فى عالم المال والاقتصاد والإعلام يتم القبض عليها ولكن عند نقطة الإدانة نجد أن الأمر يختلف من خلال ثغرات فى القانون، حتى بعد دخول السجن شكل العقاب الكامل عندنا غير موجود.
تعليقات
إرسال تعليق
ما رأيك بالموضوع الذي قرأته للتو